ليس من المنطق أن تتباهى بالحرية و أنت مكبل بقيود المنطق
من الميكروفون إلى الكاميرا: رحلة صوت امرأة تكتب بصدق
في عالم تتسارع فيه الأخبار وتبهت فيه الأصوات، تبرز عزيزة نور كأحد تلك الأسماء التي لا تكتفي بالرصد، بل تُصرّ على الفهم والتأمل والسرد من الداخل. بدأت مسيرتها الإعلامية في الإذاعة، حيث تعلّمت أن الصوت ليس مجرّد موجات، بل مسؤولية. عشر سنوات من العمل الإذاعي جعلتها تؤمن أن الحكايات لا تُروى من وراء الزجاج، بل تُسمع حين يُفتح القلب قبل المايكروفون.
“الميكروفون لا يضخّم الصوت، بل يكشف النوايا.” — عزيزة نور
بصوتٍ إذاعي هادئ لكنه حاسم، نسجت أولى حكاياتها، متنقلة بين برامج ثقافية وإنسانية، قبل أن تنتقل إلى التلفزيون كمراسلة ومنتجة أخبار، وتخوض تحديات التغطية الميدانية والتحقيقات المصوّرة.

الصحافة الإنسانية: ما بين الحياد والوجدان
ليست عزيزة ممن يكتفون بإعادة ما يُقال، بل تُعيد تشكيله بلغةٍ تُشبه الناس. تنتمي إلى مدرسة الصحافة التي ترى أن الحياد لا يعني التجمّد، وأن الإنسانية ليست ضعفًا، بل مسؤولية. تناولت في تحقيقاتها ملفات اللاجئين، والمهاجرين، وضحايا الحروب المنسية، وركزت على القصص التي غالبًا ما يتم تجاهلها لأنها “لا تبيع”.
درست الصحافة من أبوابها الواسعة، وتخرجت من برامج تدريبية احترافية في مؤسسات مثل معهد الجزيرة للإعلام، DW Akademie، وزمالة الجزيرة، مما منحها أدوات تحليل دقيقة، دون أن تُفقدها حسّها الإنساني.
“الحياد لا يعني أن تقف في المنتصف، بل أن تروي القصة كاملة، كما هي، دون أن تُقصي أحدًا.” — عزيزة نور
خلف كل صورة قصة، وخلف كل تقرير روح
تميزت تجربة عزيزة نور بإيمانها العميق أن كل محتوى إعلامي — سواء أكان مرئيًا أو مسموعًا أو مكتوبًا — يجب أن يُروى كما تُروى الحكايات القديمة: بإخلاص. ولذلك، كانت كل مقابلة تُجريها، وكل تقرير تعدّه، يحمل في داخله بصمة مختلفة.
في زمن السرعة والمنافسة على “السكوبات”، اختارت هي أن تتريّث، وأن تصغي، وأن تضع الناس في قلب الحدث لا على هامشه.
حضور عالمي وجذور لا تتبدد
خلال مسيرتها، عملت عزيزة مع مؤسسات إعلامية كبرى مثل TRT عربي، DPA، قناة النبأ، Voice of Africa، وغيرها، متنقلة بين استوديوهات وأروقة أخبار ومراكز أبحاث. ورغم هذا الحضور الدولي، ظلّت وفية لقضايا منطقتها، وللهمّ الإنساني الذي لا يعترف بالحدود.
بفضل خلفيتها المتعددة ثقافيًا — من دراستها في Tripoli College إلى تخرجها في كلية الصيدلة بجامعة طرابلس — تجمع بين الدقة العلمية والخيال السردي، وهو ما ينعكس في تحقيقاتها ومداخلاتها.
منصة جديدة، صوت جديد، ذات لا تزال تبحث
تطلق عزيزة نور موقعها الشخصي ليس فقط كأرشيف لأعمالها، بل كمساحة مفتوحة للمساهمة والحوارات والتفكير النقدي. هنا، تُنشر مقالات، بودكاستات، فيديوهات، وآراء، تعكس مراحل تطورها الإعلامي والفكري.

الموقع ليس نهاية الطريق، بل امتدادًا لمسار طويل من الأسئلة التي لم تجد جوابًا بعد. وتؤمن أن الصحفي الحقيقي لا يُغلق ملفًا، بل يُبقيه مفتوحًا للضوء.
“أنا لا أجمع القصص، بل أرافقها حيث تذهب، وأتركها تخبرني بما لا يُقال.” — عزيزة نور
الصحافة النسائية: كسر الصورة النمطية بصوت ناعم لكنه واثق
لم تكن عزيزة يومًا “المرأة الإعلامية” النمطية التي تُحاصرها الصورة الذهنية الضيقة. كانت دائمًا قادرة على الموازنة بين الحضور والجوهر، وبين اللطف والقوة. لم تتحدث فقط عن قضايا النساء، بل عن الإنسان بكل تعقيداته.
لذلك، تحوّلت تجربتها إلى مرجع للعديد من الصحفيات الشابات، وبدأت بدورها في تقديم ورش ودورات لتدريب الجيل الجديد من صانعي المحتوى، خاصة في مجالات الصحافة الإنسانية والإذاعية.
المستقبل كما تراه: الصحافة الأخلاقية ليست ترفًا
في زمن تتآكل فيه الثقة بالإعلام، تُصرّ عزيزة نور على أن الصحافة الأخلاقية ليست ترفًا نخبويًا، بل ضرورة وجودية. أن يكون للصحفي حسّ، وموقف، وضمير لا يساوم عليه، حتى لو كان الثمن صمت الأضواء.
تؤمن أن الكلمة لا تموت، بل تُدفن حين يتخلى من يحملها عن مسؤوليتها. ولهذا، تواصل رحلتها، تسجل، تكتب، تروي، وتبقى شاهدة — لا على الحدث فحسب، بل على الإنسان داخله.



Hi, this is a comment.
To get started with moderating, editing, and deleting comments, please visit the Comments screen in the dashboard.